أرشيف

مناضلات الجنوب .. حتى لا ننســـــــــــــــى .. تاريخ بسالة  تاه في زحمة الرجال..!!

 مناضلات الجنوب.. تاريخ بسالة  تاه في زحمة الرجال..!!

كثيرات فارقن الحياة دون عزاء وبعضهن مهملات في زوايا البيوت والتاريخ يشير اليهن باستحياء..

نساء الحركة الوطنية اليمنية رغم ما كتب عن دورهن إلاّ أن ذلك لم يتعد كونه مجرد نزيف حبر على ورق وليس أدل على ذلك من وجود امرأة واحدة في البرلمان مقابل 300 رجل رغم مرور أكثر من نصف قرن على مشاركتهن بحركة التحرر الوطنية.. وبمرور 47 عاماً من ثورة 14 أكتوبر سنحاول في هذا العجالة استذكار ولو سطور من أسفار التضحية والبطولة التي قدمتها المرأة اليمنية على طريق التحرر..

 

لعنة هنري الملاح على عدن

عدن مفتاح الثراء التجاري وسحر الشرق العابق ومنفذ العالم وواجهة التاريخ..

وجدت نفسها في 19 يناير 1839 تغرق بدماء أبنائها، وتحت أقدام عسكر الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس.

هينس في عدن

الحكاية لم تبدأ من هنا ولكنها بدأت منذ أن أوصت بعثة ملك البرتغال هنري الملاح ملكها بالسيطرة على هرمز وعدن إذا أرادوا أن يسيطروا على تجارة العالم، ومنذ تلك اللحظة أصابت اللعنة عدن وأخذت الحملات الأجنبية تتوالى عليها سواء الفرنسية أو البرتغالية والأسبانية والإيطالية والبريطانية.

فعدن  التي كانت آخر معاقل الدولة الطاهرية التي تقهقرت ولم يستطع أحد انتزاعها من الطاهريين حتى جاء الأتراك الذين غرروا بآخر حكام عدن الطاهريين وهو عامر بن داؤود ثم صلبوه على سارية إحدى سفنهم مع وزرائه.

ولأن عدن كان ينظر إليها كشرطي حراسة يؤمن السلام، فقد قرر رجل المملكة البريطانية السيطرة عليها.. التي كانت بلاده قد مهدت لاحتلال عدن بالسيطرة على جزيرة سقطرى في عام 1834 وقبلها احتلت جزيرة ميون في ابريل 1699م

وبدأ “ستافورد بنسورت هينس” باختلاق مبررات عدة بدأها بالتقدم بشكوى لحاكم عدن السلطان العبدلي تتضمن «أن السفن البريطانية التجارية تتعرض لاعتداءات في بعض المناطق اليمنية الخاضعة لسلطة عدن، وحذر من عدم التكرار»

وبعدها قام هينس برفع علم بريطانيا على إحدى السفن الهندية وجعلها تمر بشاطئ عدن، وهناك ادعى أنها تعرضت للاعتداء والنهب وقتل بعض ربانها، فوجه مدافعه على عدن وضربها بقسوة ونزل رجاله على شواطئ المدينة التي قاومه أبناؤها ورجاله ببسالة وأجبروهم على الفرار، وحينها طلب هينس تعزيزاً من حكومته لكنها رفضت وطلبت منه التصرف بما هو موجود لديه من قوة.

وبعد أسابيع من المناورات هاجم هينس بكل قواته عدن ودخلها في 19 يناير 1839 وأعطى قواته الأوامر بقتل كل معارض.

عدن ترفض الاستكانة

أستمرت عدن تحت السيطرة البريطانية 129 عاماً لكنها كانت كل يوم ترفض الاستكانة وهي ترى الجنود البريطانيين يجوسون ديارها وشواطئها، وبدأت حرب استنزاف طويلة خاضها الرجال والنساء معاً وانتهت بثورة هزت عرش أعظم امبراطوية.

وكان للمرأة الجنوبية اليد الطولى فيها حتى وإن تناساها كتاب التاريخ فإن ذاكرة عدن لم تنسها؛ فقد أبحرت المرأة الجنوبية على أمواج البحر الهادرة، مسجلة بطولات حفرت أمجادها في الصخر.

ولأننا في مجتمع شرقي ذكوري فقد جرى تعميم دور الرجل وتغييب دور المرأة وتهميشه، ولأننا في الذكرى السابعة والأربعين من انطلاق ثورة أكتوبر فقد رأينا أن نسلط الضوء على دور المرأة الجنوبية في نضالها الذي لم يتوقف من أجل نيل حريتها كإنسان أولاً وحرية الأرض التي تعيش عليها ثانياً.

وسنذكر هنا نماذج من أولئك الرائدات كي تقفوا على جزء من تاريخ هذه المرأة العصامية وكي تستلهم المرأة الجنوبية في الوقت الحاضر شيئاً من بطولات الأمهات والجدات.

صوت الطالبات يركع الامبراطورية

في الأول من فبراير عام 1962 شهدت عدن أول تظاهرة نسائية ضد سياسة بريطانيا وكانت في كلية البنات بخور مكسر وقد طاولت أصواتهن عنان السماء وأعلن الإضراب عن التعليم والاعتصام في الكلية حتى تنفذ مطالبهن في فتح المجال أمامهن للحصول على شهادة الثقافة العامة أسوة بالطلاب وكذا تغيير مديرة الكلية الإنجليزية، وحينها قاومت السلطات البريطانية مظاهرات الطالبات بالقوة واعتقلت الكثير منهن، وتعرضت بعضهن للضرب والإصابة بالجروح لكن السلطات البريطانية استشعرت الخطر وقامت بتغيير المديرة التي كانت تمارس العنصرية وتغلق على بنات الفقراء في غرفة في حال وجود زائر للمدرسة. ومع استمرار غضب الطالبات تم اغلاق الكلية لمدة سنة كاملة لكن الشرارة كانت قد انطلقت فثارت ثانوية الجلاء  وثانوية عدن وكلية بلقيس وعم الغضب كل الشارع العدني.

وفي 24 سبتمبر 1962خرجت عدن عن بكرة أبيها في مظاهرة تقدمتها النساء رافضة تكوين الاتحاد الفيدرالي وضم عدن إليه؛ وتم إحراق المجلس التشريعي في كريتر وتعرضت المناضلة رضية إحسان للاعتقال وسجنت لبضعة أسابيع أضربت خلالها عن الطعام.. وكانت رضية قد أنشأت جمعية المرأة العربية عام 1956.

وفي عام 1965 كانت عدن على موعد مع التضحية بدم نسائي حيث روت لطيفة علي شوذري مدينة كريتر بدمها الطاهر بعد أن أصابتها رصاصة قناص بريطاني وهي في مقدمة مظاهرة سلمية وكانت لطيفة تعمل كجندية في شرطة كريتر إلا أنها كانت تنشط سرياً في إحدى الخلايا الوطنية.. ومثلها تعرضت خديجة الحوشبي للاغتيال برصاص الجنود البريطانيين في منطقة الحواشب.

زوجة سلطان أحمد عمر القائدة الأولى

تشهد الكثير من النساء اللواتي عايشن مراحل ثورة 14 أكتوبر أن زهرة هبة الله زوجة سلطان أحمد عمر هي من كانت تقود الجناح التنظيمي النسائي وكانت مسئولة الشعبة الأولى، تليها التشكيلات والخلايا القيادية العاملة، ومن أشهر من كن في هذا التنظيم نجوى مكاوي وسوزان محمود جعفر وعائدة علي سعيد وأنيسة الصايغ وفطوم علي ورضية شمشير، وكان دور النساء كبيراً في العمليات المسلحة وتوزيع المنشورات ونقل السلاح لأن السلطات البريطانية كانت تركز على الشباب ولا تفتش النساء.

أول جمعية وصحيفة

أنشئت أول جمعية نسائية في عدن في خمسينات القرن الماضي وسميت بالجمعية العدنية للنساء، وقد أسستها الأستاذة رقية علي محمد ناصر، وفي ذات الفترة أسست السيدة ماهية عمر جرجرة صحيفة فتاة شمسان وتوالت بعدها الجمعيات والتجمعات التي نادت بتحرير المرأة وطالبت بحقها في العمل والمشاركة الفعالة في النقابات والعمل في المرافق الحكومية.

ملكة . . امرأة  من حديد

ملكة عبد اللاه انخرطت في صفوف المقاومة وعمرها خمسة عشر سنة وشاركت في العمل الخيري وجمع التبرعات للفقراء وتدربت على السلاح والقنص في باب المندب وشاركت في توزيع المنشورات ونقل السلاح وإخفائه، كما شاركت ضمن الوفد الذي سافر إلى جنيف للتفاوض مع بريطانيا على الاستقلال.

والغريب أن عمرها كان عشرين عاماً فقط حين شاركت في ذلك الوفد التاريخي، ولأنها كانت ذات رأي حر ومستقل فقد تعرضت كما ذكرت للمضايقة من بعض أفراد في الجبهة القومية واضطرت لطلب منحة دراسية من فرنسا.

لكنها منعت من السفر بمطار عدن فهربت متخفية إلى محافظة لحج ومنها عبرت إلى منطقة القبيطة مشياً على الأقدام وتنكرت بلباس نساء الريف ودهنت وجهها (بالهرد) وشعرها بالحناء ولم تكن تملك فلساً واحداً؛ وفي إحدى الأسواق تعرف عليها أحد العسكر  وشك بها وقبض عليها، وعندما همّ بتسليمها رحمها وتركها تمضي في طريقها حتى وصلت إلى الراهدة بمساعدة أحد أعضاء جبهة التحرير حيث استقبلها عضو جبهة تحرير آخر في صنعاء لكن السلطة علمت بوجودها فظلت تستجوبها وتحقق معها لمدة شهر كامل قبل أن تسمح لها بالسفر إلى فرنسا.

مريم.. تنقذ زوجها

مريم ناصر من كود بيحان في الشيخ عثمان، كان زوجها في جبهة التحرير وكانت تساعده في حفر أرض المنزل ودفن الأسلحة فيها؛ وفي إحدى الليالي استيقظت من النوم إثر طرقات قوية على باب منزلها وكان الجنود الإنجليز يبحثون عن فدائي هارب وهو زوجها الذي كان قد خرج وهي نائمة وقام بعملية مسلحة مع زملائه ثم هرب للبيت فلمح الجنود ظله وهو يدخل المنزل ولحقوا به، وعندما صحت على طرقاتهم رأته ملثماً فخافت لكنها انتبهت بسرعة ودفعته إلى داخل حزمة قصب وحشائش مكومة للمواشي وعليها قصع وكراتين، وعندما دخل الجنود وفتشوا المنزل وصلوا إلى الكوم ورجعوا للوراء من رائحة المواشي وأوساخها وأيضاً خافوا من سقوط الكوم عليهم فخرجوا بسرعة وهم يشتموها وزوجها.

فوزية ثنائية  في منزل واحد

فوزية سيف ثابت كانت تعيش مع أخويها في منزل واحد وكلاهما ضمن الحركة الوطنية ولم يكن أحد يعلم بالآخر إلا عندما تمركز الجنود البريطانيون في العمارة المقابلة لمنزلهما بسبب شكوكهم أن هناك منشورات ستنطلق من ذلك المنزل على المواطنين وقام الجنود بهدم المنزل وإحراقه انتقاماً منها ومن أخويها.

دعرة . .  أسطورة محارب

دعرة رمز نضالي لا يختلف اثنان على دورها البطولي والعسكري؛ فقد كانت مقاتلة في جبال ردفان ومحرضة للجماهير..

ولدت دعرة سعيد ثابت في وادي ديسان شرقي مدينة الحبيلين عام 1921 وتوفيت عام 2002م.

ومما اشتهرت به دعرة أنها كانت تلبس ملابس الرجال التي تعتلي الركبة بقليل وتجلس معهم في المقاهي وتعمل ما يعمله الرجال من حركات وحتى الحلف بالحرام والطلاق..

وفي إحدى المرات قادت بنفسها سبعة شباب في عملية مسلحة على مركز القيادة البريطانية في الثمير وهاجمته بالقنابل اليدوية وتم قتل سبعة من البريطانيين وجرح تسعة ثم هاجمت فرقة أخرى وأصيبت بعدة طلقات في رجليها وبقية جسمها، فطلبت من بقية فرقتها الانسحاب وعدم حملها واستمرت تدافع وهي جريحة؛ وعندما نفذت ذخيرة بندقيتها حطمتها فوق الصخرة حتى لا يستولي عليها البريطانيون ومن شدة النزيف أغمي عليها وتم اعتقالها. وفي السجن لزمت الصمت وبعد أيام عثرت السلطات على خمسة من حراس السجن مذبوحين وزنزانة دعرة خالية منها.

 

 

 

 

 

 

 

 

مناضلات من الريف والحضر

لم يقتصر نضال المرأة في الجنوب على مدينة عدن فقط بل شاركت في النضال نساء من أبين أمثال فوزية عبد الله حمود وسعود مفتاح وأسمهان عبد الله.. إلخ.. ومن لحج المناضلة ذائعة الصيت دعرة سعيد ثابت وخديجة الحوشبي وحليمة اليافعي ومرومة عيدروس وزريقة أحمد وغيرهن..

أول معلمتين

يذكر أن أول من عملتا في التدريس بعدن هما لولة حيدر سعيد ونور حيدر سعيد وهما ابنتا أول فقيه قام بتدريس الأولاد في منزل متواضع بالشيخ عثمان وألحق ابنتاه لولة ونور في الدراسة مع الأولاد.

وعندما ازداد عدد الطلاب قام بتدريسهم تحت الأشجار أمام المنزل.

وبعدها قامتا الابنتان بالتدريس في منزلهما وفي منزل زوج احداهما.

زر الذهاب إلى الأعلى